Search This Blog

Thursday, October 22, 2020

اخر يوم في الربيع

 


مسرحية لفداء زيدان عن الحب والفقدان والوفاء

اياد شماسنة

 

يعيش الدروز في الأراضي المحتلة عام 1948م، معظمهم في الشمال الفلسطيني التاريخي، ويّشكلون 8%من مجمل السكان العرب. وقد وصلت أعدادهم في سنة 2012م إلى حوالي 130,600 نسمة أي 1.7% من السكان [1]

وقد شجعّت الحكومة الإسرائيلية تكوين هوية منفصلة وهي " القومية الدرزية الإسرائيلية ". اعترفت بها رسميًا من قبل الحكومة الإسرائيلية.  تم فصل الطائفة الدرزية عن المجتمع العربي والديانة الإسلامية وجعلها ديانة مستقلة في القانون الإسرائيلي، الذي حدث في وقت مبكر من عام 1957.[ [2].

 ومنذ ذلك الحين؛ خسر الدروز العديد من القتلى في حروب ومعارك الاحتلال الإسرائيلي، ويتم تكريس ذكراهم مع القتلى اليهود وبقية الطوائف في يوم الذكرى الخاص بالجيش الذي يخدمونه.

 في مسرحية فداء زيدان التي عرضت مؤخرا في القدس المحتلة؛ يأتي أمر فقدان الأخ كصدمة نفسية لها تبعاتها وتداعياتها. الأخ جندي درزي في جيش محتل يقاتل في مناطق عربية.

 في المسرحية المونودرامية؛ كان توضيح ألم الفقدان لجمهور يعاني من عنف الجيش الذي يخدم الجندي فيه، مربكا، صادما، ولأن القصة شخصية، وترتب عليها احتكاك الأهل: أهل الممثلة وأهل الجندي بين جمهور المسرحية وخصوصا في القدس، بؤرة المعاناة والصراع، حيث تم عرض المسرحية دون توضيح الإحداثيات في البداية، لكنه فهمت تلقائيا بعد ذلك؛ مما أثار مشاعرا وأسئلة وحساسية، لولا قدرة الممثلة في توجيهها والسيطرة عليها لخلقت جدلا متسعا وتبعات، وخصوصا مع خطط الممثلة بتوسيع مناطق العرض إلى يافا والناصرة في المستقبل. 

 مسرحية آخر يوم في الربيع، مسرحية من شخص واحدة، على نهج المونودراما، تمثلها الممثلة الفلسطينية فداء زيدان، على خشبة المسرح الفلسطيني أينما وجد، المسرح الوطني الفلسطيني- الحكواتي، ومسرح عشتار الصغير في رام الله، تحكي عن الصراع، الفقدان، الهوية، البقاء، الإرث، المشاعر المتدفقة، الصدق، عن الحقيقة، الأمل، الحب، الألم الذي لا يعرفه الجميع، عن العيون التي كانت تروي، كل ذلل بمنهج بساطة الطرح.

قالت د. هنيدة غانم، مدير مركز مدار للدراسات الإسرائيلية، بعدما التي شاهدت المسرحية؛ إن "فداء زيدان، ممثلة استثنائية مع قدرات تمثيل رائعة واداء مذهل، استطاعت أن تصدمنا، وتتركنا بكامل الذهول والصمت: وهي تقول عن أخيها القتيل بكامل احتراف الصدمة والحزن":

" أنا بدي أخوي وهو ميت، تعال نجيبه لأرضيات سيدي، سيدي اللي كان ينزل أربع ساعات عشان يوصل الأرضيات، بيدور على مية العين المنشفة، اللي عبوها في قناني بلاستيك وباعونا إياها مع قمصان زيتي مزررة وبناطلين مع جياب، وسيدي من العطش يحفن الترابات ويشرب... إنت بس قول آه يابا" (الممثلة).

 تروي مسرحية "آخر يوم في الربيع قصة فتاةٌ في مقتبل العمر، من قريةٍ جليليةٍ تقع شمال فلسطين، بقيت وحيدة مع والديها بعد فقدان أخيها الجندي. يطغى ألم الفقدان الذي يُخلّد بِحسب طقوس القرية التي تربط الفقدان بالفخر. تطغى هذه الطقوس على الحياة والتصرفات اليومية، فتصارع الشخصية لصياغة شكل حياتها وحزنها الخاص بها؛ لعلها تدرك معنى فقدانها، وبالتالي تدرك هويتها، ويخلد الأخ في طقس معتاد يشترك فيه أهل القرية.

عندما تعود العائلة إلى المحيط الطبيعي كي تمارس حياتها، تنضم العائلة الفاقدة إلى طقس تخليد الفقدان الذي تمارسه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، بينما العائلة في صميمها عربية حتى النخاع.

 "طقس تخليد الفقدان" هو طقس عام يشترك فيه أهل القرية، يُلزم كل من هو قريب للمفقود بأن يحضر ويشترك. هذا الإلزام يخلق معضلات وتساؤلات لدى الشخصية فيقودها لفقدانها الخاص، ثم تحتدم المشاعر وتتناقض عندما تنضم العائلة الفاقدة إلى منتدى العائلات الثكلى المختلط بين العائلات اليهودية والدرزية وغيرها.

تقول فداء زيدان أن الفكرة لمعت ثم ولدت قبل سنتين، في عام 2016م، استمدت زيدان الرؤية أثناء دراستها للقب الثاني بجامعة تل أبيب عام 2016م، هناك تبلورت الفكرة فنيا، تلقت الممثلة دروسا في الكتابة الدرامية مع الأستاذ علاء حليحل، ثم تعرفت على سوار عواد، شريكتها فيما بعد، وبعد ذلك تقدمت بطلب الدعم من مؤسسة عبد المحسن القطان.

سوار عواد، في مقابلة مع قناة مساواة، قالت إن خصوصية هذا المشروع تتلخص في أنه مشروع ممثل. فداء هي الكاتبة والممثلة، ومن يواجه الجمهور وحده، بالإضافة الى أن المادة حياتية خاصة بالممثلة، لذلك تحتاج تقديما بطريقة خاصة، خاصية العمل الثانية تتجلى في تحقيق التوازن بين العام العقلاني والخاص الشاعري.

كل هذا الصراع :الجرح المفتوح، البتر ، شرخ الطائفة، ابتذال الخدمة العسكرية وطقوس الخطابة الاسرائيلية على مقابر الجنود؛ قدمته فداء بأسلوب يدمج بين البساطة والعبقرية، دون أي ابتذال، دون شعارات، لقد استطاعت أن تقدف بنا إلى غرف البيت المعتمة للعائلات الدرزية، ومسألة صراع الهويات، وعبثية الحياة في حيز رمادي امتد بين انتمائهم العربي وبين 
تجنيدهم الاجباري!!!..

تضيف د. هنيدة غانم مدير مركز مدار للدراسات الاسرائيلية في صفحتها على الفيسبوك

 

 “نجحت مسرحية اخر يوم في الربيع في تقديم أكثر المواضيع حساسية وايلاما واحباطا في مجتمعنا الفلسطيني: موضوع خدمة الدروز في جيش الاحتلال. موضوع ليس من السهل الخوض فيه لاسباب مرتبطة بثقل الغضب الذي يثيره بالذات عند من عانى من أبناء الاراضي المحتلة من قمع الدروز المجندين في الجيش المحتل.

 

تتساءل د. غانم " كيف تم شرخ الدروز عن المجتمع الفلسطيني؟ ماذا يعني هذا؟  كيف يتم تشكيل الدروز كاقلية مبتورة في اقلية مقموعة في شعب محتل؟ ماذا يعني أن تعيش عبثية البتر وتكون فقاعة عائمة، عربي حتى النهاع في كل ثقافتك وتحمل بندقية إسرائيلية؟

 كل هذا كان خلفية العرض، ومتنه الذي تنحى إلى الهامش، ترك المركز فراغا رماديا، حلم بنقل جثمان الاخ الذي قتل في الجيش من المقبرة العسكرية للدفن في أرض العائلة التي صادرتها الدولة؛ولو ميتا ، القول ما يزال لهنيدة غانم .

بقي القول ان المسرحية من كتابة وتمثيل: فداء زيدان، دراماتورجيا: علاء حليحل، موسيقى: فرج سليمان، حركة: سماء واكيم، إضاءة: معاذ الجعبي ومن انتاج: مؤسسة قديتا للثقافة والفنون، مساعدة إنتاج: جورجينا عصفور، وقد تم إنتاج العمل أيضا بالتعاون مع مسرح خشبة- حيفا بدعم مؤسسة عبد المحسن القطان وإخراج سوار عواد.






 

 



[1] http://www.cbs.gov.il/shnaton64/st02_13.pdf

[2]  صبري جريس [الإنجليزية] (1969, second impression). The Arabs in Israel. The Institute for Palestine Studies. صفحة 145ISBN 0853453772.

No comments:

Post a Comment