Search This Blog

Thursday, October 22, 2020

منال ذيب، وأبعادها الذاتية في دار اسعاف النشاشيبي المقدسية

 


اياد شماسنة\ شاعر وروائي وفلسطيني

 

على مرتفع مطل، في حي الشيخ جراح، الفلسطيني الصامد، على مرمى البصر من اسوار مدينة القدس العتيقة؛ اختار أديب العربية اسعاف النشاشيبي إقامة قصره المهيب عام 1922م، والذي أصبح محجا لكثير من الأدباء والمفكرين العرب، على عادة علية القوم من السياسيين والمثقفين في ذلك الوقت من صعود الثقافة.

 يقع قصر اسعاف النشاشيبي في طابقين تبلغ مساحة كل منهما 296 مترا مربعا، وتسوية مساحتها 110 مترا مربعا، ويقع على قطعة أرض مساحتها 1210 مترا مربعا. وقد أشرف على بنائه المهندس اليوناني الأصل سبيرو خوري، وينتصب بأحجاره زهرية اللون، قبالة جامع الشيخ جراح على خطوات من مستشفى السانت جون المعروف شعبيا باسم "مستشفى العيون" بالإضافة الى مستشفى السانت جورج المعروف "بالمستشفى الفرنسي". هذا القصر المهيب فقد صاحبه عام.1948م/ وتنقل بين ايدي المؤسسات، لتديره اليوم مؤسسة اسعاف النشاشيبي لخدمة الشأن الثقافي المقدسي في حي يكاد الاحتلال يستكمل تهويده بالاستيلاء على اخر ما يتبقى من مبان عرببة فيه.

في هذا البيت العربي الثقافي اقامت الفنانة الفلسطينية الامريكية معرضها الفني الذي أطلقت عليها اسم "ابعاد ذاتية". يبدأ المعرض ويستمر حتى من الثاني وحتى التاسع من اب ٢٠١٧م. تعرض فيه عدد من اللوحات المعبرة عن ثقافة الفنانة منال ديب، وتوجهاتها المناصرة للقضية الفلسطينية، تتميز اللوحات بواقعتيها وألوانها وتحررها المدرسي والفكري، وتظهر.بألوانها الداكنة بين الرمادي والابيض والاسود .

الفنانة ديب فنانة فلسطينية تحمل الجنسية الامريكية، درست الفن التشكيلي ومن ثم علم النفس والعلاج عن طريق الفن، غادرت مدينة رام الله عام 1968م، مع أن جذور عائلتها اللاجئة ترجع الى قرية دير طريف، على طرف السهل الساحلي الفلسطيني. المحتل.  وبخصوص ذلك تقول ديب إن ذكرياتها تتشكل بما يجري في وجدانها وبمشاعرها نحو فلسطين، إنها محاولة لرسم صورة رائعة للعيش في بيت يغمره الحب.

تعتقد منال ديب أن لوحاتها الفنية تعيدها إلى الناس الذين تحبهم مع رسالة الى العالم كله، وهوي إن كل ما يجري من فوبيا عالمية ضد العرب والمسلمين، ومن صورة مشوهة؛ لا يمكن أن يمنعها من إعطاء صورة إيجابية عن جذورها وهويتها الثقافية، مع ذلك تصبح الاعمال أحيانا سلوى وهروب، وتؤكد ديب أن واقع الوطن ليس كما تفكر فيه وتحبه؛ لذلك فإنها تحاول خلق وطنها الخاص الموازي في أعمالها الفنية؛ حيث تجد الراحة، والسلوان، ومنطقة آمنة للهروب إليها، وهي تسمي اعمالها بالوطن

في المعرض" أبعاد ذاتية" لوحات تضم حروفاً من الخط العربي، وألواناً عدة متناثرة بحريّة على سطح اللوحة. تكرر ديب رسم صورة وجه امرأة في لوحاتها، من المدهش ان تكون هذه الصورة هي صورة وجهها الشخصية في بوتريه جميل، كما إنها تؤكد أن كل لوحة من أعمالها تحمل حكاية تسرد ذاتها، عن الغربة، امرأةٍ تجابه عدواً غاشماً، بالإضافة الى لوحات مرسومة بتقنية الرسم الرقمي "الديجيتال، وقد أشارت ان فكرة الديجيتال تتوالد من وحي الإحساس اللحظي بعد قراءة نصّ كتابي مؤثر كالشعر.

يمكن القول؛ إن منال ديب لا تنتمي الى مدرسة فنية واحدة بذاتها، فهي تمارس فنها بكل المجازفة من خلال الدمج ما بين التشكيلي والخط والرقمي وفي بعض الأحيان أدوات أخرى كلحاء الشجر أو قطعة قماش وتذكر منال أن نقادًا فنيين نقدوا أعمالها تحت بند " مجازفات فنية، وهي مسرورة بهذا التصنيف النقدي، وتعبر عن ذلك بالقول: " كل عمل لدي له قصة وتعابير مجازية، لا يمكن إسقاطها على مدرسة فنية بعينها".

عن ظروف رسم اللوحات وإعدادها لتصل بكامل الاناقة الى الجمهور، تقول منال ديب أن معظم لوحاتها تخرج إلى النور بعد قراءة قصيدة، تتأثر بها فتقوم بتحويلها إلى لوحة تشكيلية، فتصير لوحتها قصيدة. وتضيف "كلما تأّثرت بقصيدة عن بلادي فلسطين أو عن الغربة، تجدني أحولها إلى لوحة فنيّة"

سبق لمنال ديب ان عرضت لوحاتها بين 29\11\2012 و11\2\2013م في إحدى معارض مقر الأمم المتحدة في نيويورك، متزامنا مع رفع مكانة فلسطين إلى دولة غير عضو في الهيئة الدولية، ومع أن مدة العرض كانت أطول مدة لفنان فلسطيني يعرض في تاريخ مقر الأمم المتحدة، إلا أنّ المعرض لم ينل اهتماماً من قبل المؤسسات الثقافية الفلسطينية، مع أنه جذب اهتمام بعض المؤيدين لإسرائيل في نيويورك، فنشرت مقالات لاذعة مناهضة للمعرض

 ومع كامل نجاحاتها، وانتشارها عالميا وقد أصبح لديها الكثير من المعارض الفنية في أمريكا وأوروبا مع قلة في الوطن العربي، لكن منال ديب تقول إنها ما زالت تتلقى الانتقادات كونها فتاة فلسطينية مسلمة تدرس الفن بشتى تكويناته وكيفية استخدامه للتعبير بحرية قد لا تلائم الثقافة أو ما تسمى التربية العامة وحدودها.

 ومع شتى المحاولات التي بذلتها منال ديب لعودة والاستقرار في فلسطين الا انها باءت جميعها بالفشل، وكأن قدر الفلسطيني أن يزين الشتات بلوحاته وقصائده وعبقرية إنتاجه الفني والعلمي والادبي، ما دام الوطن الفلسطيني محتلا.

 وكأن النوستالجيا طاقة الفلسطيني الجبارة التي تدفع أجمل ما فيه دوما الى الخروج حروفا وألوانا وفنا تشكيليا؛ يشهد على ذلك مقول الفنانة " الرسم هو ملجأي الوحيد من الغربة" وشهادتها الصريحة حول الغربة حيث قالت " كان للغربة أثر كبير في نفسيتي وشخصيتي وبالنهاية في تكوين لوحاتي".














No comments:

Post a Comment