Search This Blog

Thursday, October 22, 2020

" لم نعد نؤمن بأن للبرتقالة شقّين، نحن جناحا الوطن"،

 

 

 نادي حيفا الثقافي

اياد شماسنة /شاعر وروائي فلسطيني

كثيرا ما تكون الكتب بوابات بعث حضاري، وتكون الأفكار التي تحركها الكتب موجات وتحركات ثقافية او سياسية تنعكس على الواقع المعاش ثقافيا أو فكريا.

في نادي حيفا الثقافي القابع في حضرة حيفا العظيمة وأنفاس الكبار في الثقافة والادب والثقافة من السابقين والأولين واللاحقين، وعلى خلفية قراءة كتاب "من مروج الجليل – مذكرات طبيب من الناصرة" للدكتور الياس سليم سروجي، الذي يتحدث فيه عن الدورِ الثقافيِّ للمجلسِ الملّي الارثوذكسي في عهدَ الانتدابِ لفلسطين، التقى المحامي حسن عبادي مع زميله ظافر والمحامي الحيفاويّ فؤاد نقارة في باحةِ مسجدِ الجرينِةِ الحيفاويّ.

شارك الثلاثة في جنازةِ المرحومةِ سَروينازْ ايراني/ دقة بتاريخ (30.11.2011)، حدث حسن عبادي الرفاق مستفِزًّا: "وينكمْ" فلم يكذّبْ الرفاق خبرًا وبادرواَ لدعوةٍ تشاوريّةٍ كان من ثمرتها تأسيسُ نادي حيفا الثقافي في الحادي عشر من شهر شباط عام 2012.

التقيت أنا" إياد شماسنة" بالمحامي فؤاد نقارة الذي يذكِّر اسمه بالراحل "حنا نقارة" الذي يحمل شارع من شوارع مدينة رام الله اسمه بافتخار، في ملتقى دار فضاءات الابداعي في عمان عام 201ب7م، كنت مشاركا بتوقيع واطلاق روايتي" الرقص الوثني" وكانت مع نقاره زوجته ونخبة من المثقفين ورفقة الروائي حسين ياسين لاطلاق رواية " علي" التي تم ترشيحها للبوكر العربية من قبل دار الرعاة في رام الله، وبذلك بدأت معرفتي ومتابتي لأنشطة نادي حيفا، الى تمت دعوتي لاطلاق وتوقيع ومناقشة روايتي "امرأة اسمها العاصمة ورواية " "الرقص الوثني" في آخر يوم من شهر اب من عام 2018 الحالي.

حتى هذا اليوم ؛ يناقش نادي حيفا كتاب في الشهر وقد أنجز حتى اليوم 59 كتابًا، والكتاب المرقم  بالستّين سيكون "نساء، ولكن" للروائيّة نور عبد المجيد.

 تطوّرت فكرة النادي، فاهتم الأعضاء لاحقا بعقدِ أمسياتٍ ثقافيّةٍ لإشهارِ كتابٍ بحضورِ الكاتبِ، وعلى ذلك تم انجاز عشراتِ الأمسياتِ المميزة لتضيئ شمس الثقافة من جديد في حيفا كما كانت في عهد الإنتداب.

اقيمت أمسياتِ تكريمِ أديبٍ أو شخصيّةٍ وطنيّةٍ ثقافيّة للأحياء ومنهم حنّا أبو حنا، د. منير توما، سعاد قرمان ،د. أسعد الأسعد، ليانا بدر، كمال حسين إغباريّة، د. نزيه قسيس، د. المتوكّل طه وأحمد دحبور قُبيل وفاته وغيرهم، ليقتبس كل منهم قبس حب ويشعل ضوءا في منارة حيفا.

بعد ذلك تم إحياء مِنبر  الشعرِ وهو نوع من الأمسياتُ العُكاظيّةُ الحيفاويةُ لتكونَ منصّةً تقام كلّ ثلاثة شهور بمشاركة أربعة شعراء، ويوم الخميس 02.08.18 كانت  الأمسيةالعكاظيّة الخامسة عشرة.

لقد افسح النادي المجال لعشرات الرسّامين والفنّانين التشكيليّين بعشرات المعارض ومنهم ظافر شوربجي، جميل عمريّة، سمر بدران، نجية ياسين، صالح عليصات، نبهان زهران، د. يوسف عراقي، ناجي العلي وتوفيق عبد العال وغيرهم.بالاضافة الى فنّانين ومغنيين ومنهم ألبير مرعب، أمل مرقص، لبيب بدارنة، نبيل عازر، فرقة بيت الموسيقى الشفاعمريّة، جوقة الكروان، نزار الشايب، عنان زريق، نزار بغدادي، الياس عطاالله، سامر علو، أمين ناطور ورمسيس قسيس وغيرهم.

يرافق الأمسيات عرض شريط "لمسة وفاء" لمراحيمنا ومنهم غسان كنفاني، ناجي العلي، شكيب جهشان، توفيق زيّاد، محمود درويش، سميح القاسم، عبد الرحيم محمود وغيرهم.

بادر أعضاء النادي في السنوات الأخيرة بتكثيف حضور إخوتهم من شتى أرجاء الوطن والشتات، يقول عبادي" لم نعد نؤمن بأن للبرتقالة شقّين، نحن جناحا الوطن"، فكانت أمسيات لأحمد دحبور، سامح خضر، روز شوملي، يحيى يخلف، عائشة عودة وباسم الخندقجي، محمود شقير، جميل السلحوت، سمير الجندي، نادية حرحش، محمد قراعين، عاطف أبو سيف، أنور حامد، سميح مسعود، د. عبد العزيز اللبدي، عادل سالم والدكتور يوسف عراقي وغيرهم كثر.

وفي سياق النشر والتوزيع من اجل إشهار إصداراتهم، تم التواصل والتعاقد مع عدد من دور النشر، ومنها: دار فضاءات، دار الرعاة، دار الشروق ودار الجندي، فكانت أمسيات مع إصدارات  قاسم توفيق، جهاد أبو حشيش، زياد محافظة وبثينة العيسى.

توثّق أمسيات نادي حيفا الثقافي بالصوت والصورة، وتنشر على صفحة النادي الفيسبوكية المفتوحة للجميع، وننشر خبرًا عن كلّ أمسية في عشرات المواقع الإلكترونيّة والصحافة المكتوبة، وكذلك نقوم بتعميم المداخلات على المواقع.

لقد أصبح هذا المنبر صَرْحًا أدبيًّا راقيًا حاضنا لكُتّابنا، أدباءنا، شعرائنا ومُبدعينا، وكذلك لناشرينا، بدون رقابة أو تمييز رغم محاولات البعض التطاول على هذا المشروع الهام، ورغم محاولات عرقلته،  ويفتخرُ أعضاؤه أنهم أصبحوا قُدوةً في حيفا وخارجها .

من الجدير بالذكر أن كلّ النشاطات بمجهود شخصيّ، تطوّعيّة ودون ميزانيّات من أيّة جهة كانت! وجميع نشاطات النادي تتم برعاية المجلس الملّي الأرثوذكسي الوطني في حيفا.

                                                                                                        

                                                                                         

منال ذيب، وأبعادها الذاتية في دار اسعاف النشاشيبي المقدسية

 


اياد شماسنة\ شاعر وروائي وفلسطيني

 

على مرتفع مطل، في حي الشيخ جراح، الفلسطيني الصامد، على مرمى البصر من اسوار مدينة القدس العتيقة؛ اختار أديب العربية اسعاف النشاشيبي إقامة قصره المهيب عام 1922م، والذي أصبح محجا لكثير من الأدباء والمفكرين العرب، على عادة علية القوم من السياسيين والمثقفين في ذلك الوقت من صعود الثقافة.

 يقع قصر اسعاف النشاشيبي في طابقين تبلغ مساحة كل منهما 296 مترا مربعا، وتسوية مساحتها 110 مترا مربعا، ويقع على قطعة أرض مساحتها 1210 مترا مربعا. وقد أشرف على بنائه المهندس اليوناني الأصل سبيرو خوري، وينتصب بأحجاره زهرية اللون، قبالة جامع الشيخ جراح على خطوات من مستشفى السانت جون المعروف شعبيا باسم "مستشفى العيون" بالإضافة الى مستشفى السانت جورج المعروف "بالمستشفى الفرنسي". هذا القصر المهيب فقد صاحبه عام.1948م/ وتنقل بين ايدي المؤسسات، لتديره اليوم مؤسسة اسعاف النشاشيبي لخدمة الشأن الثقافي المقدسي في حي يكاد الاحتلال يستكمل تهويده بالاستيلاء على اخر ما يتبقى من مبان عرببة فيه.

في هذا البيت العربي الثقافي اقامت الفنانة الفلسطينية الامريكية معرضها الفني الذي أطلقت عليها اسم "ابعاد ذاتية". يبدأ المعرض ويستمر حتى من الثاني وحتى التاسع من اب ٢٠١٧م. تعرض فيه عدد من اللوحات المعبرة عن ثقافة الفنانة منال ديب، وتوجهاتها المناصرة للقضية الفلسطينية، تتميز اللوحات بواقعتيها وألوانها وتحررها المدرسي والفكري، وتظهر.بألوانها الداكنة بين الرمادي والابيض والاسود .

الفنانة ديب فنانة فلسطينية تحمل الجنسية الامريكية، درست الفن التشكيلي ومن ثم علم النفس والعلاج عن طريق الفن، غادرت مدينة رام الله عام 1968م، مع أن جذور عائلتها اللاجئة ترجع الى قرية دير طريف، على طرف السهل الساحلي الفلسطيني. المحتل.  وبخصوص ذلك تقول ديب إن ذكرياتها تتشكل بما يجري في وجدانها وبمشاعرها نحو فلسطين، إنها محاولة لرسم صورة رائعة للعيش في بيت يغمره الحب.

تعتقد منال ديب أن لوحاتها الفنية تعيدها إلى الناس الذين تحبهم مع رسالة الى العالم كله، وهوي إن كل ما يجري من فوبيا عالمية ضد العرب والمسلمين، ومن صورة مشوهة؛ لا يمكن أن يمنعها من إعطاء صورة إيجابية عن جذورها وهويتها الثقافية، مع ذلك تصبح الاعمال أحيانا سلوى وهروب، وتؤكد ديب أن واقع الوطن ليس كما تفكر فيه وتحبه؛ لذلك فإنها تحاول خلق وطنها الخاص الموازي في أعمالها الفنية؛ حيث تجد الراحة، والسلوان، ومنطقة آمنة للهروب إليها، وهي تسمي اعمالها بالوطن

في المعرض" أبعاد ذاتية" لوحات تضم حروفاً من الخط العربي، وألواناً عدة متناثرة بحريّة على سطح اللوحة. تكرر ديب رسم صورة وجه امرأة في لوحاتها، من المدهش ان تكون هذه الصورة هي صورة وجهها الشخصية في بوتريه جميل، كما إنها تؤكد أن كل لوحة من أعمالها تحمل حكاية تسرد ذاتها، عن الغربة، امرأةٍ تجابه عدواً غاشماً، بالإضافة الى لوحات مرسومة بتقنية الرسم الرقمي "الديجيتال، وقد أشارت ان فكرة الديجيتال تتوالد من وحي الإحساس اللحظي بعد قراءة نصّ كتابي مؤثر كالشعر.

يمكن القول؛ إن منال ديب لا تنتمي الى مدرسة فنية واحدة بذاتها، فهي تمارس فنها بكل المجازفة من خلال الدمج ما بين التشكيلي والخط والرقمي وفي بعض الأحيان أدوات أخرى كلحاء الشجر أو قطعة قماش وتذكر منال أن نقادًا فنيين نقدوا أعمالها تحت بند " مجازفات فنية، وهي مسرورة بهذا التصنيف النقدي، وتعبر عن ذلك بالقول: " كل عمل لدي له قصة وتعابير مجازية، لا يمكن إسقاطها على مدرسة فنية بعينها".

عن ظروف رسم اللوحات وإعدادها لتصل بكامل الاناقة الى الجمهور، تقول منال ديب أن معظم لوحاتها تخرج إلى النور بعد قراءة قصيدة، تتأثر بها فتقوم بتحويلها إلى لوحة تشكيلية، فتصير لوحتها قصيدة. وتضيف "كلما تأّثرت بقصيدة عن بلادي فلسطين أو عن الغربة، تجدني أحولها إلى لوحة فنيّة"

سبق لمنال ديب ان عرضت لوحاتها بين 29\11\2012 و11\2\2013م في إحدى معارض مقر الأمم المتحدة في نيويورك، متزامنا مع رفع مكانة فلسطين إلى دولة غير عضو في الهيئة الدولية، ومع أن مدة العرض كانت أطول مدة لفنان فلسطيني يعرض في تاريخ مقر الأمم المتحدة، إلا أنّ المعرض لم ينل اهتماماً من قبل المؤسسات الثقافية الفلسطينية، مع أنه جذب اهتمام بعض المؤيدين لإسرائيل في نيويورك، فنشرت مقالات لاذعة مناهضة للمعرض

 ومع كامل نجاحاتها، وانتشارها عالميا وقد أصبح لديها الكثير من المعارض الفنية في أمريكا وأوروبا مع قلة في الوطن العربي، لكن منال ديب تقول إنها ما زالت تتلقى الانتقادات كونها فتاة فلسطينية مسلمة تدرس الفن بشتى تكويناته وكيفية استخدامه للتعبير بحرية قد لا تلائم الثقافة أو ما تسمى التربية العامة وحدودها.

 ومع شتى المحاولات التي بذلتها منال ديب لعودة والاستقرار في فلسطين الا انها باءت جميعها بالفشل، وكأن قدر الفلسطيني أن يزين الشتات بلوحاته وقصائده وعبقرية إنتاجه الفني والعلمي والادبي، ما دام الوطن الفلسطيني محتلا.

 وكأن النوستالجيا طاقة الفلسطيني الجبارة التي تدفع أجمل ما فيه دوما الى الخروج حروفا وألوانا وفنا تشكيليا؛ يشهد على ذلك مقول الفنانة " الرسم هو ملجأي الوحيد من الغربة" وشهادتها الصريحة حول الغربة حيث قالت " كان للغربة أثر كبير في نفسيتي وشخصيتي وبالنهاية في تكوين لوحاتي".














اخر يوم في الربيع

 


مسرحية لفداء زيدان عن الحب والفقدان والوفاء

اياد شماسنة

 

يعيش الدروز في الأراضي المحتلة عام 1948م، معظمهم في الشمال الفلسطيني التاريخي، ويّشكلون 8%من مجمل السكان العرب. وقد وصلت أعدادهم في سنة 2012م إلى حوالي 130,600 نسمة أي 1.7% من السكان [1]

وقد شجعّت الحكومة الإسرائيلية تكوين هوية منفصلة وهي " القومية الدرزية الإسرائيلية ". اعترفت بها رسميًا من قبل الحكومة الإسرائيلية.  تم فصل الطائفة الدرزية عن المجتمع العربي والديانة الإسلامية وجعلها ديانة مستقلة في القانون الإسرائيلي، الذي حدث في وقت مبكر من عام 1957.[ [2].

 ومنذ ذلك الحين؛ خسر الدروز العديد من القتلى في حروب ومعارك الاحتلال الإسرائيلي، ويتم تكريس ذكراهم مع القتلى اليهود وبقية الطوائف في يوم الذكرى الخاص بالجيش الذي يخدمونه.

 في مسرحية فداء زيدان التي عرضت مؤخرا في القدس المحتلة؛ يأتي أمر فقدان الأخ كصدمة نفسية لها تبعاتها وتداعياتها. الأخ جندي درزي في جيش محتل يقاتل في مناطق عربية.

 في المسرحية المونودرامية؛ كان توضيح ألم الفقدان لجمهور يعاني من عنف الجيش الذي يخدم الجندي فيه، مربكا، صادما، ولأن القصة شخصية، وترتب عليها احتكاك الأهل: أهل الممثلة وأهل الجندي بين جمهور المسرحية وخصوصا في القدس، بؤرة المعاناة والصراع، حيث تم عرض المسرحية دون توضيح الإحداثيات في البداية، لكنه فهمت تلقائيا بعد ذلك؛ مما أثار مشاعرا وأسئلة وحساسية، لولا قدرة الممثلة في توجيهها والسيطرة عليها لخلقت جدلا متسعا وتبعات، وخصوصا مع خطط الممثلة بتوسيع مناطق العرض إلى يافا والناصرة في المستقبل. 

 مسرحية آخر يوم في الربيع، مسرحية من شخص واحدة، على نهج المونودراما، تمثلها الممثلة الفلسطينية فداء زيدان، على خشبة المسرح الفلسطيني أينما وجد، المسرح الوطني الفلسطيني- الحكواتي، ومسرح عشتار الصغير في رام الله، تحكي عن الصراع، الفقدان، الهوية، البقاء، الإرث، المشاعر المتدفقة، الصدق، عن الحقيقة، الأمل، الحب، الألم الذي لا يعرفه الجميع، عن العيون التي كانت تروي، كل ذلل بمنهج بساطة الطرح.

قالت د. هنيدة غانم، مدير مركز مدار للدراسات الإسرائيلية، بعدما التي شاهدت المسرحية؛ إن "فداء زيدان، ممثلة استثنائية مع قدرات تمثيل رائعة واداء مذهل، استطاعت أن تصدمنا، وتتركنا بكامل الذهول والصمت: وهي تقول عن أخيها القتيل بكامل احتراف الصدمة والحزن":

" أنا بدي أخوي وهو ميت، تعال نجيبه لأرضيات سيدي، سيدي اللي كان ينزل أربع ساعات عشان يوصل الأرضيات، بيدور على مية العين المنشفة، اللي عبوها في قناني بلاستيك وباعونا إياها مع قمصان زيتي مزررة وبناطلين مع جياب، وسيدي من العطش يحفن الترابات ويشرب... إنت بس قول آه يابا" (الممثلة).

 تروي مسرحية "آخر يوم في الربيع قصة فتاةٌ في مقتبل العمر، من قريةٍ جليليةٍ تقع شمال فلسطين، بقيت وحيدة مع والديها بعد فقدان أخيها الجندي. يطغى ألم الفقدان الذي يُخلّد بِحسب طقوس القرية التي تربط الفقدان بالفخر. تطغى هذه الطقوس على الحياة والتصرفات اليومية، فتصارع الشخصية لصياغة شكل حياتها وحزنها الخاص بها؛ لعلها تدرك معنى فقدانها، وبالتالي تدرك هويتها، ويخلد الأخ في طقس معتاد يشترك فيه أهل القرية.

عندما تعود العائلة إلى المحيط الطبيعي كي تمارس حياتها، تنضم العائلة الفاقدة إلى طقس تخليد الفقدان الذي تمارسه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، بينما العائلة في صميمها عربية حتى النخاع.

 "طقس تخليد الفقدان" هو طقس عام يشترك فيه أهل القرية، يُلزم كل من هو قريب للمفقود بأن يحضر ويشترك. هذا الإلزام يخلق معضلات وتساؤلات لدى الشخصية فيقودها لفقدانها الخاص، ثم تحتدم المشاعر وتتناقض عندما تنضم العائلة الفاقدة إلى منتدى العائلات الثكلى المختلط بين العائلات اليهودية والدرزية وغيرها.

تقول فداء زيدان أن الفكرة لمعت ثم ولدت قبل سنتين، في عام 2016م، استمدت زيدان الرؤية أثناء دراستها للقب الثاني بجامعة تل أبيب عام 2016م، هناك تبلورت الفكرة فنيا، تلقت الممثلة دروسا في الكتابة الدرامية مع الأستاذ علاء حليحل، ثم تعرفت على سوار عواد، شريكتها فيما بعد، وبعد ذلك تقدمت بطلب الدعم من مؤسسة عبد المحسن القطان.

سوار عواد، في مقابلة مع قناة مساواة، قالت إن خصوصية هذا المشروع تتلخص في أنه مشروع ممثل. فداء هي الكاتبة والممثلة، ومن يواجه الجمهور وحده، بالإضافة الى أن المادة حياتية خاصة بالممثلة، لذلك تحتاج تقديما بطريقة خاصة، خاصية العمل الثانية تتجلى في تحقيق التوازن بين العام العقلاني والخاص الشاعري.

كل هذا الصراع :الجرح المفتوح، البتر ، شرخ الطائفة، ابتذال الخدمة العسكرية وطقوس الخطابة الاسرائيلية على مقابر الجنود؛ قدمته فداء بأسلوب يدمج بين البساطة والعبقرية، دون أي ابتذال، دون شعارات، لقد استطاعت أن تقدف بنا إلى غرف البيت المعتمة للعائلات الدرزية، ومسألة صراع الهويات، وعبثية الحياة في حيز رمادي امتد بين انتمائهم العربي وبين 
تجنيدهم الاجباري!!!..

تضيف د. هنيدة غانم مدير مركز مدار للدراسات الاسرائيلية في صفحتها على الفيسبوك

 

 “نجحت مسرحية اخر يوم في الربيع في تقديم أكثر المواضيع حساسية وايلاما واحباطا في مجتمعنا الفلسطيني: موضوع خدمة الدروز في جيش الاحتلال. موضوع ليس من السهل الخوض فيه لاسباب مرتبطة بثقل الغضب الذي يثيره بالذات عند من عانى من أبناء الاراضي المحتلة من قمع الدروز المجندين في الجيش المحتل.

 

تتساءل د. غانم " كيف تم شرخ الدروز عن المجتمع الفلسطيني؟ ماذا يعني هذا؟  كيف يتم تشكيل الدروز كاقلية مبتورة في اقلية مقموعة في شعب محتل؟ ماذا يعني أن تعيش عبثية البتر وتكون فقاعة عائمة، عربي حتى النهاع في كل ثقافتك وتحمل بندقية إسرائيلية؟

 كل هذا كان خلفية العرض، ومتنه الذي تنحى إلى الهامش، ترك المركز فراغا رماديا، حلم بنقل جثمان الاخ الذي قتل في الجيش من المقبرة العسكرية للدفن في أرض العائلة التي صادرتها الدولة؛ولو ميتا ، القول ما يزال لهنيدة غانم .

بقي القول ان المسرحية من كتابة وتمثيل: فداء زيدان، دراماتورجيا: علاء حليحل، موسيقى: فرج سليمان، حركة: سماء واكيم، إضاءة: معاذ الجعبي ومن انتاج: مؤسسة قديتا للثقافة والفنون، مساعدة إنتاج: جورجينا عصفور، وقد تم إنتاج العمل أيضا بالتعاون مع مسرح خشبة- حيفا بدعم مؤسسة عبد المحسن القطان وإخراج سوار عواد.






 

 



[1] http://www.cbs.gov.il/shnaton64/st02_13.pdf

[2]  صبري جريس [الإنجليزية] (1969, second impression). The Arabs in Israel. The Institute for Palestine Studies. صفحة 145ISBN 0853453772.

حين تتعاقد الامم من الباطن

 

اسئلة التنوير والنقد في معرض مؤسسة عبد المحسن القطان

 اياد شماسنة / القدس 

عندما يرتبك المشروع السياسي، أو يغيب الضوء قليلا عن الأفق الوطني، في ظل متغيرات قاهرة، تتراجع السلطة الحاكمة، تتخلى، أو يتم إجبارها على التخلي عن دورها الخدماتي، ويقتصر على التشريع والدفاع إن وجد، لصالح القطاع الخاص، أو بمشاركة ولو محدودة للقطاع الأهلي. في تلك التحولات؛ تتقدم الثقافة، ناقدة، تنويرية، مثيرة للاسئلة، باحثة عن الخيارات بين المتاح والممكن والمأمول والمسموح، تنقد وتكرر النقد، عبر أدواتها الحضارية من فنون وعلوم وسينما ومسرح وغيرها.

على حافة رام الله، على بعد مئات الامتار من ساحة مانديلا في ضاحية الطيرة، افتتح مبنى مؤسسة عبد المحسن القطان، ليكون اكثر من مجرد مركز ثقافي، بعد كثير من المعيقات ليكون علامة مرجعية فالثقافة الفلسطينية التي تواجه النيوليبرالية وثقافة الاستهلاك التي وصلت حتى الرموز الوطنية  وقد قالت المؤسسة في بيانها إنها تمضي بمثابرة لافتة في خدمة الثقافة للجميع وتعزيز المناعة الوطنية من خلال مشاريع ومبادرات في الوطن والشتات.

في لقاء إعلامي مع عمر القطان؛ نجل المؤسس عبد المحسن القطان، قال إن المركز الجديد أفضل ما يمكن عمله فلسطينيا تحت الاحتلال. ومن الجدير بالذكر أن المركز قد اعتبر المبنى الأول فلسطينيا: الذي يتم تسجيله لدى المجلس الفلسطيني الأعلى للبناء الاخضر، وهو من تصميم المهندس الإسباني خوان بيدرو دونييري الشهير من أشبيليا، في 7730 مترا مربعا. واشتمل على مسرح ومكتبة كبرى وجاليري واستديو للرقص وبلازا عامة، وإقامة للفنانين، ويدير أبحاثا ونشاطات ثقافية وفنية، ويركز على العلوم والفنون والدراما. وقد وأشرف على تنفيذ المبنى فريق من 22 مهندسا إسبانيا، بالإضافة لفريق مهندسين فلسطيني.

وبمجرد الاعلان عن افتتاح المركز، شرعت المؤسسة في تنظيم معرض فريد وخلاق، تتميز الاعمال المعروضة فيه بكثير من النقد والابتكار، والبعث على التأمل والحوار، ويؤكد يزيد عناني القيم على المعرض أن هذا المعرض غير مرتبط بالقضية الفلسطينية فقط، بل هو مفتوح على علاقات أخرى في العالم. وقد اختار القيمون عنوان "أمم متعاقدة من الباطن" كعنوان غامض وجريء، مثير للاسئلة، والنقاش والتفاعل الخلاق. وهو كما قال الباحث من جامعة بيرزيت أباهر السقا" تفكير خارج الصندوق" للتعبير عن العلاقات والتعاقدات الجديدة التي تنشأ باطنيا في عقود اجتماعية جديدة بدل العقد الواحد، وكانها تشكل أمما داخل الأمة، مثل الخدمات الصحية، الموارد العامة، الخصخصة، التعليم، تشظي الخدمات كنتيجة لتحجيم دور الدولة، وتقليص التزاماتها لصالح القطاع الخاص.

 بلغ عدد الأعمال المشاركة 53 عملا فنيا؛ ما بين لوحة ومجسم والبوم واغنية، لحوالي 60 فنانا معظمهم من فلسطين بكامل اطيافها. هي اعمال مختلفة شكلا ومضمونا؛ فأول ما يصادف الزائر هو مجسم ضخم يحاكي خاتم السلطة الفلسطينية للفنان مجدي حديد، في اشارة نقدية الى تعاظم الشكل الرسمي للسلطة بناحيتها الامنية التي تختم العلاقة بينها وبين الشعب ، والسياسية الورقية، في ظل تراجع دورها الخدماتي والتحرري لصالح العمل الرسمي المتوج بالختم وكأنها يذكر بالمثل الشعبي الساخر "هيم مضبطة بدها هيك ختم".

أما "القيمة المعاصرة"؛ فهو عبارة عن تصميم مختلف لعملة فلسطينية ورقية تحمل رموزا متناقضة، مثل نص إعلان إستقلال فلسطين، الذي يجسد طموحا هاما لدى الشعب الفسلسطيني، ومنزل منيب المصري، المقام على جبل جرزيم، والذي يشبه قصر الملكة البريطانية من حيث المظهر، بينما رجل الاعمال منيب المصري يعتبر دوق مدينة نابلس، وروتشيلد فلسطين، وملك فلسطين غير المتوج بحسب عدد من الصحف العالمية، لما له من أثر في الاقتصاد والاقتصاد السياسي الفلسطيني، وكأن الفنان يثير الأسئلة عن دور رأس المال في المشروع الوطني، واحتمال التأثر والتأثير المتبادل :سلبا أو ايجابا.

الفنان إياد عيسى؛ يطرح كوفية الشعب والقائد الفلسطيني، يقدمها على شكل وق تغليف للهدايا، كناية عن تغول رأس المال وتحول الرموز الوطنية إلى سلع استهلاكية، وربما ذلك يشير إلى الإهانات التي توجه إلى كثير من الرموز الوطنية بأجندات حزبية؛ مثل العلم الوطني الذي يغيب أمام الأعلام الفصائلية، والكوفية التي أصبحت صفراء وخضراء، على أبواب المحال التجارية لتباع للاجانب، إضافة إلى عارضات الازياء اللواتي اتخذن مننها ملابس واكسسوارات، وما تحاوله إسرائيل عبر رأس المال من استيعاب وسرقة الرموز الوطنية من خلال تحويلها الى منتجات استهلاكية مربحة.

 الفنانة عواطف رومية، في مقابلة هاتفية؛ قالت إن عملها الذي استلهمته من بوستر تاريخي وطني، ياسم البرتقال الحزين، قدمته في المعرض على شكل برتقالة كبيرة مغلفة بأغلفة منتجات استيطانية، نقدا، وإثارة للذاكرة حول المنجزات الوطنية التي كانت عصبا للاقتصاد الفلسطيني قبل الشتات، ويقدمها الاحتلال اليوم إلى العالم مغلفة بأغلفته، ونتاجا لمستوطناته المقامة على الأرض الفلسطينية، أحيانا بجهود عمال فلسطينيين لا ينالون إلا القليل.

 متلازمة رام الله، أيضا، ألبوم  غنائي جماعي، يناقش الاثار الجانبية للنظام  السياسي  الجديد بعد انهيار أوسلو، تحمل أحد اغانيه عنوان " بدي مصاري"، ويناقش الغلاء والقروض والارتهان للبنوك.

يستمر المعرض من 27-حزيران وجتى نهاية ايلول، في المبنى الرمادي الغامق على شكل مكعب، أعلى تلة عذراء في ضاحية الطيرة التي تتوسع نحو الريف، وتستمر رسالة المؤسسة في التنوير والمساهمة في تكوين وترسيخ ثقافة نقدية فلسطينية، ذاتية للبنية والمشروع السياسي، كما قال عبر الرحمن شبانة احد القيمين على المعرض.

 في النهاية، ما زالت المؤسسة ومشروعها الفني النقدي مستمرين في طرح السؤال:كيف نستطيع التفكير في السياسة والديمقراطية بالتعاقد مع أمم أخرى او دول أخرى؛ لإدارة وتأمين مستوى أفضل من الخدمات؟ وكيف ينعكس ذلك على المفهوم الحديث للأمة؟؟




أسامة السلوادي عين فلسطين: بين دفتي الصورة والحكاية

 


 اياد شماسنة

في الثامن عشر من آب\2018م، قبل يوم واحد من اليوم العالمي للتصوير الفوتوغرافي الذي يصادف 19\اب، وبعد مرور 179 عاما على اختراع التصوير الفوتوغرافي على يد الفرنسي لويس داغير، وبعد أكثر من خمسمئة عام على محاولات الحسن بن الهيثم تكوين "القمرة"، الفكرة الشرعية لآلة التصوير اللاحقة، وبعد 160 عام على افتتاح أول مدرسة للتصوير الفوتوغرافي في فلسطين عام 1858م، قام المصور الصحفي والفنان أسامة السلوادي، بتوقيع كتابه "رام الله: الصورة والحكاية" الذي قام بنشره برعاية بلدية رام الله، وذلك بعد عشر سنوات من إصدار كتاب مماثل عن مدينة القدس.




أسامة السلوادي، اعلامي نشط، ومصور صحفي مثابر ومثقف، عمل مع وكالة الصحافة الفرنسية لمدة أربع سنوات، أصيب بعيار ناري خلال تغطيته للأحداث اليومية في مواجهة الاحتلال.

في السابع من تشرين الأول عام 2006، أصيب السلوادي برصاصة طائشة في مدينة البيرة اورثته شللا نصفيا في الأطراف السفلى، لكنه استمر في النضال الفوتوغرافي على كرسي متحرك، وكان له دور في توثيق عدد من اللقطات الهامة التي عرفت عربيا وعالميا.

 كتاب "رام الله: الصورة والحكاية" كتاب فوتوغرافي يوثق لمرحلة مهمة من حياة مدينة رام الله، وهو الكتاب الحادي عشر للمصور الفنان، وقد قال السلوادي عن نتاجه من الكتب انها أحد عشر كوكبا، تيمنا بالكواكب التي رآها يوسف النبي عليه السلام في منامه تسجد له مع أمه وأبيه، يتضمن الكتاب مجموعة الصور التقطها السوادي خلال مشواره المهني في رحلته مع الكاميرا من الانتفاضة الأولى والثانية مرورا بالاجتياح الإسرائيلي للضفة الغربية عام 2002م، ثم يستعرض الحياة اليومية والثقافية، والاكلات والطبيعة.

ويعتبر الكتاب، وفق ما أعلن عنه، جزءا من مشروع بلدية رام الله الثقافي، تحدث عنه السلوادي، وشكر كل من عمل معه ليصبح الكتاب بين أيدي الناس، فذكر في صفحته على الفيسبوك" شادي درويش، ومرام طوطح وأحمد أبو لبن".

من الجدير بالذكر ان السلوادي، قد ساهم في ارسال الثقافة والصورة الفلسطينية الى العالم، وشارك في العديد من المعارض المحلية الفلسطينية ثم العربية في: الأردن ومصر والامارات ثم عالميا في: إيطاليا والولايات المتحدة وفرنسا، ونشر في مجلتي التايم ونيوزويك، ثم نشرت له مجلة ناشيونال جيوغرافيك" النسخة العربية"، صور فتاة فلسطينية اسمها رناد حتاوي، بالثوب الفلسطيني التقليدي قبل عشر سنوات، ثم أصبحت حتاوي جزءا من مشروع اخر للسلوداي لتوثيق الزي الفلسطيني الشعبي بعنوان "ملكات الحرير".

ثلاثة وعشرين عاما، والسلوادي يحمل الكاميرا، حتى عندما أصيب، واضطر إلى الجلوس، كان جلوسا للمحترفين، أصبح أقرب للأرض، فأنجز" بوح الحجارة، 2014م" و “الحصار، 2008م " وملكات الحرير،2012م و “ها نحن، 2005م" و "المرأة الفلسطينية: عطاء وإبداع،1999م" و "الختيار،2014 م" و"القدس ،2010م" و"أرض الورد" ثم “زينة الكنعانيات". وقد أعلن السلوادي انه سينتصر من خلال الصورة، وهو بذلك يعتبر انه يخوض معركة شخصية ويقول انه " لا يقبل فيها الا: النصر أو النصر"

 ومع ان السوادي ما زال مشروعا متكاملا بعدد من المراحل؛ في شخص إنسان، يبحث عن استدامة التمويل والعمل المؤسسي الذي يتيح تحقيق طموحه، ويعتبر أنه ما زال مقاتلا بالصورة، إلا أنه كان عرابا لإطلاق  مشاريع التراث بحفظه وتوثيقه، وكان بانتقاله من التصوير الاخباري الى التصوير الفني التوثيقي رافدا هاما للحركة الفنية الفلسطينية، وبذلك استحق عددا من التكريمات والجوائز، بدءا من تقدير وزارة الثقافة الفلسطينية عام 1996 م؛ لتغطيته أحداث انتفاضة النفق مرورا بالتكريم من قبل مهرجان الجزيرة  الدولي للأفلام الوثائقية، ثم الميدالية الذهبية  للاستحقاق والتميز من الرئيس الفلسطيني محمود عباس عام 2012م، وانتهاءً بالتكريم من قبل اتحاد كتاب وأدباء فلسطين واللجنة الوطنية للتربية للثقافة والعلوم، ومنح لقب " عين فلسطين".

 في خطته التالية أعلن السوادي في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي" الفيسبوك" أنه غير متعجل لإصدار أي كتاب جديد لاحق.. قد يصدر طبعة ثالثة من كتاب "ملكات الحرير" أما مشروعه الآخر فهو الغوص في أرشيفه الخاص لإصدار كتاب يحوي أجمل أعماله منذ بدأ رحلة التصوير، وأشار أن خطته تتضمن إصدار هذا الكتاب عام 2020 م، أما بخصوص بحثه في تاريخ الطعام والزراعة والطقوس والميثولوجيا، فقد أعتبر نفسه دارسا للموضوع، وانه يريد ان يتعلم ويبحث حتى لو استغرق هذا المشروع عشر سنوات من اجل ان يتم يكون كما يجب، وكما تستحق قصة الحضارة الفلسطينية الشامية.

. يريد أسامة السلوادي من خلال مشروعه القادم أن يكتب حكاية فلسطين من جديد بطريقة بسيطة وسهلة مرفق بسرد بصري، وقد أكد انه في رحلته سيوغل في التاريخ إلى العصر النطوفي (9500 قبل الميلاد) ويسير عائداً في هذا الطريق حتى يصل لما نحن عليه اليوم، موضحا أن هذا المشروع مرحلة جديدة في حياته المهنية لا يشبه كل ما سبق.